الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع

مقالات

رسائل في الوعي: من التاريخ دروس وعبر (2-3)

رسائل في الوعي

رسائل في الوعي
الرسالة الثامنة
من التاريخ دروس وعبر (2-3)


حين احتل الفرنجة الصليبيون القدس في عام 492 للهجرة، لم يستسلم المسلمون فبادروا في الإعداد والاِستِعداد لتحرير "القدس" من أيدي الصليبيين. نعم مضى وقتٌ طويل ما يُقارب من تسعين عاماً، والقدس تحت احتلال الصليبيين، والذي يعود في جزء كبير منه إلى ضعف تلبَّسَ بالمسلمين وقتها، ومع ذلك هيأ الله للأمة من يأخذ زمام المبادرة ويُعيد بَعْث الأمة بإعداد جيل قادر على مواجهة أعداءها. لينْبَري لنا قادة عظماء أمثال نور الدين زنكي وعماد الدين زنكي الذين أحيوا روح الجهاد في الأمة وتهيأتها للمعركة الفاصلة والْفَتْح المُبِين الذي قادة صلاح الدين وكانت من أعظم معارك التاريخ الإسلامي " مَعْرَكة حِطّين" سنة 583 للهجرة.
لم يَدم فرح المسلمين طويلاً بالإنجاز التاريخي باستعادة القدس سوى 43 عاماً، حتى برزت خيانة جديدة، بتَسْلِيم القدس إلى الصليبيين سنة 626 للهجرة (1229م) على يد السلطان الكامل الأيوبي حين سلّم المدينة إلى فلدريك ملك ألمانيا دون أن تراق قطرة دم واحدة. لقد تمت الخيانة بسبب الصراع على السلطة، ذاك كرسيّ الحكم الذي تباع من أجله المقدسات وتُرتهن الأمة وتُعقد الاتفاقيات المُذلة والمهينة ليكرر التاريخ نفسه مع هؤلاء الخونة.
ومع تَسْلِيم القدس للفرنجة عظم ذلك على المسلمين وحزنوا حزناً شديداً لضياع القدس وانكروا على الملك الكامل خيانته. وينقل المؤرخ والخطيب "سبط ابن الجوزي" في وصف تلك الأجواء المحزنة بقوله: "وصلت الأخبار بتَسْلِيم القدس إلى الفرنج فقامت القِيامَة في جميع بلاد الإسلام، واشتدّت العظائم بحيث أقيمت المآتم".
وظهر في ذلك الزمن –كما في زماننا- علماء السلطان الذين يبررون مِثل تلك الخيانة العظيمة من بَينِهم (ابن ابى الدم الحموي) حين يقول: "فاجتهد السلطان الملك الكامل رأيه وصالحهم صلحاً تاماً رآه مصلحة للمسلمين وغنيمة لهم". هؤلاء العلماء القريبون من السلاطين الذين يبررون أفعالهم بعيدون من الدين ومن الشعب موجودون في كل زمان ومكان يسوغون الخيانة ويمتدحون شناعتها.
ولم يَدم سيطرة الصلبيين على القدس طويلاً بعد خيانة "الملك الكامل" حتى سنة 637 للهجرة حين تمكن السلطان "الناصر داوود" من استعادة القدس بعد عشر سنوات من تسليمها، الذي أعاد تسليمها مجدداً للصليبيين بسبب الصراع على "كرسي السلطة"، وهو حال الخونة الذين لا يردعهم دين ولا تقدير لمصالح الأمة بقدر حماية مصالحهم الشخصية وأهوائهم الذاتية، نعم تحررت القدس لاحقاً سنة 642 للهجرة على يد السلطان "الصالح أيوب" في معركة غزة الشهيرة، ومع هذا اصطف الخونة مع الصليبيين.
ويقول سبط ابن الجوزي واصفا هؤلاء الخونة (ساروا تحت اعلام الفرنج وعلى رؤوسهم الصلبان) وبفضل من الله تحررت القدس وبقيت تحت حكم المسلمون قروناً أخرى إلى أن جاء الصهاينة اليوم ليجدوا الدعم والإسناد من صهاينة العالم والعرب.


الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع © 2024